الحث على المبادرة إلى التوبة وإصلاح النفس
فأقول: علينا جميعاً أن نبادر إلى العلاج قبل أن يستفحل الداء، انظر كم من مريض يذهب إلى الطبيب، فإذا به بعد فترة قد مات؛ لأن المرض قد انتشر واستشرى في جسده، فما هو الحل؟ تنتظر الموت لقلبك والعياذ بالله.ومن فضل الله أن جعل للإنسان -حتى لو كان منغمساً منهمكاً في الذنوب إلى أقصى شيء- فرصة التوبة إليه سبحانه. فالمهم أن تتدارك نفسك قبل أن تحاول التوبة فلا تقبل منك عياذاً بالله.ثم قال: (وقال ابن مسعود: [من أحب القرآن أحب الله ورسوله].قال بعض العارفين لأحد طلابه: أتحفظ القرآن؟ قال: لا، قال: واغوثاه، يا لله! لمريد لا يحفظ القرآن، فبم يتنعم؟! فبم يترنم؟! فبم يناجي ربه تبارك وتعالى؟!).وهذا وإن كان من كلام الصوفية ، ولكن هذا القول صحيح، فالذي يريد أن يسلك طريق الله، وأن يتعلم ويتأدب وهو لا يحفظ القرآن فبم يتنعم؟ وبم يترنم؟ وبم يناجي ربه تعالى؟ ولذلك من أكبر الأخطاء التي ارتكبها الصوفية وغيرهم ممن لا يدري عنهم: أن توضع أدعية وأوراداً وأذكاراً في كتيبات، أو في أوراق، وتنشر بين الناس، ويقال: من قرأها فإن له كذا وكذا، مما لا أصل له في الدين، فاشتغل الناس بها عن القرآن، حتى وصل الأمر ببعضهم إلى الكفر والعياذ بالله.فـالتيجانية يقولون مثلاً: من قرأ صلاة الفاتح خير له من أن يقرأ القرآن ستة آلاف مرة، وهذا كفر لا شك فيه، ما وجدت شيئاً تجعل قراءتها خيراً منه إلا القرآن؟ لماذا لا تكذب كذبة خفيفة وتقول: من قرأها خيراً له من أن يتصدق بألف دينار -مثلاً- لكن تقول: خير من أن يقرأ القرآن؟ هل يعقل هذا؟!إنك مهما ابتدعت أو اخترعت واختلقت من أذكار، هل يمكن أن تكون أفضل من القرآن؟ هل تستطيع أن تأتي بشيء أفضل من القرآن؟نعم، كثير منهم لا يصل إلى هذه الدرجة من الكفر والعياذ بالله، لكن واقع الحال عندهم أنهم يأتون بأدعية وأوراد يقرءونها في الصباح والمساء، وأحراز منها: الجوشن الكبير، دائماً يوزع في الأسواق وعند الناس، والجوشن الصغير، والحصن الحصين، والحصون المنيعة، والعهود السبعة.. وغيرها، وأشياء كثيرة منها ما لا أصل له، ومنها ما لبعضه أصل، لكن ليس بهذه الكيفية وبهذه الهيئة، ومنها ما يكون جملة من الآيات هذا أخفها، لكن لم يرد الشرع بتحديد هذه الآيات، فيشتغل بهذه الآيات عن بقية القرآن، أو عما فضله الله على الحقيقة، فيكون هذا فضل شيئاً من القرآن على شيء من القرآن من غير دليل الشرع، وجاءت الأدلة الصحيحة أن آية الكرسي أفضل الآيات، وأن (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن، وأن الفاتحة أفضل السور..، فنحن بهذه نتبع ولا نبتدع، ونقرأ القرآن ونتنعم ونتلذذ به كله.